<TABLE border=1 cellSpacing=0 borderColor=#c0c0c0 cellPadding=2 width="1%" imageTableTakeCare> <tr><td>[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]</TD></TR> <tr><td style="TEXT-ALIGN: center; FONT-FAMILY: Arabic Transparent; FONT-SIZE: 10pt; FONT-WEIGHT: bold"></TD></TR></TABLE>[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
تقاس درجة تقدم البلدان وولوجها عالم المعاصرة واستفادتها من المعارف الأحدث عالميا عبر قياس معدل إنفاقها على البحث العلمي ونسبته من الناتج المحلي الإجمالي وبعدد العلماء والباحثين لكل ألف فرد من السكان ومن ثم بحجم الأبحاث العلمية السنوية المنشورة وعدد الاختراعات المسجلة سنويا ونسبتها لكل ألف فرد من نفوس الدولة وبحجم وجود أجهزة الكومبيوتر لكل ألف فرد وعدد المجلات البحثية العلمية الصادرة ومن جهة الفرد نفسه بمعدل إنفاقه على الكتب والدوريات.
<TABLE id=captionTable border=0 width=120 bgColor=#bad8ff align=left> <tr><td class=TextCaption align=middle>" وصل عدد الجامعات العربية إلى حوالي 385 مع ما يقارب مائة ألف مؤسسة استشارية، ومئات مراكز بحثية خارج الجامعات. وهذه الأرقام ليست سوى استجابة لضغوط الواقع ومطالبه في غياب إستراتيجية جدية وشاملة للتعليم الجامعي وجهده البحثي العلمي تحديدا؛ وفي ظل تعثر بيِّن في مهمة الربط بالمجتمع وتطلعاته وبأداءات المؤسسات الأخرى للدولة
"</TD></TR></TABLE>ويمكننا في مدخل لقراءة مشهد أوضاع الجامعات في البلدان العربية والبحث العلمي فيها ومستوى توظيفه، أن نشير إلى عدد الباحثين العلميين لكل مليون شخص من السكان بوصف ذلك واحدا من الأدوات المعيارية للتقدم وانعكاسه في توفير الحاجات والرفاهية للمجتمع. فالعالم العربي لا يملك اليوم سوى 136 باحثا لكل مليون مواطن وهو ما يمثل عشر ما لدى إسرائيل، فيما تمتلك روسيا حوالي 33 ضعفا، وعشرين ضعفا في الاتحاد الأوروبي، أما في أمريكا فيصل إلى 40 ضعفا. ومع أنّ تراث الإنسانية ونبعها المعرفي انطلق من أرض الرافدين ووادي النيل، ومع أننا شِدنا جامعات كالمستنصرية والأزهر والزيتونة والقرويين منذ مئات السنين؛ إلا أنَّ تلكم حقبة لها أمجادها مما لا يمكن الاتكاء عليها اليوم في ثنايا تناول البعد التاريخي لجامعاتنا أو الاستناد لهذا العمق في جهودنا الأحدث. ولا تلغي رؤيتنا هذه، جهودُ رواد النهضة العربية في تأسيس جامعات جديدة، ولا حتى تلك الجامعات الوليدة في العقدين الأخيرين حيث ولادة حوالي 75% من الجامعات العامة والخاصة الموجودة اليوم. يأتي موقفنا هذا في رفض الاتكاء على الماضي أو الاكتفاء بالموجود، ليس لحجم الجامعات ومراكزها البحثية المحدود ولا لقدراتها الاستيعابية الضئيلة حسب بل لنوعية البرامج العلمية الموظفة وطرائق التدريس والأدوات المتاحة لها في أداء مهامها التعليمية والبحثية بمقابل التطور العاصف الذي حصل في ميادين المعرفة وأدوات البناء وتوفير الحاجات الإنسانية كافة. لقد كان ذلك المشهد "سلبيا" بوجهه الأعم طوال القرن المنصرم على الرغم من وجود حوالي 385 جامعة حكومية وخاصة، وعشرة ملايين خريج، مع ما يقارب مائة ألف مؤسسة استشارية، ومئات مراكز بحثية خارج الجامعات. لكن أمر هذه "الأرقام" وجوهرها لا يعدو أن يكون سوى استجابة لضغوط الواقع ومطالبه في غياب إستراتيجية جدية وشاملة للتعليم الجامعي وجهده البحثي العلمي تحديدا؛ وفي ظل تعثر بيِّن في مهمة الربط بالمجتمع وتطلعاته وبأداءات المؤسسات الأخرى للدولة. هذا مع ملاحظة أحوال التأخر السائد في مستوى هذي الجامعات علميا وفي قدراتها الضعيفة بحثيا وبحجم إنتاجيتها الضئيل ومستوى نوعية ذاك الإنتاج. ومع الإقرار بوجود عقول علمية كبيرة ومهمة عربيا إلا أن نسبة رئيسة ومهمة من هذه العقول المنتجة دُفِعت للهجرة لأسباب شتى، وصارت جزءا مهما من مؤسسة البحث العلمي الأوروبية والأمريكية. إذ تشير النسب -حسب دراسات للجامعة العربية- بالخصوص إلى أن 54% من الطلاب العرب الذين يدرسون في الخارج لا يعودون إلى بلدانهم، وقد أصبحت البلدان العربية تساهم بـ31% من هجرة الكفاءات من الدول النامية ونسبة 2% من العقول العلمية لكندا وأمريكا، فالدول الغربية بعامة هي الرابح الرئيس من هجرة ما لا يقل عن 450 ألف من العقول العربية، بخسائر للدول العربية من هذه الظاهرة تقدر بملياري دولار سنويا وبمجمل يعادل 200 مليار دولار فضلا عن خسارة الزمن وهي خسارة من أعمار مواطني هذه البلدان وحيواتهم. [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
<TABLE id=captionTable border=0 width=120 bgColor=#bad8ff align=left> <tr><td class=TextCaption align=middle>" طبيعة اقتصاد الدول العربية وأشكال تفاوت مستوياته ودرجات نموه وفي هياكله وآلياته تؤدي إلى احتجاب الشركات عن طلب بحوث التطوير و/أو انتفاء جدوى الأداء البحثي في مستويات هياكله المتخلفة واشتغالاتها
"</TD></TR></TABLE>لكننا بعامة ينبغي أنْ نؤكد على وجود متغيرات طيبة في مستويات جامعاتنا، وأنها استطاعت أن تخترق عددا من مقاييس الترتيب أو التصنيف العالمي وتحصلت على تسلسل "مقبول" أحيانا، فيما تنهض بعض المؤسسات البحثية بفعاليات مميزة وإن بشكل فردي محدود. والسؤال الرئيس لقراءتنا هذه يحاول أن يشخص ما يعيق الجامعات العربية عن أدوارها المنتظرة تعليميا وبحثيا والانتقال باختزال لتسجيل بعض مقترحات تعالج الخلل وتفتح السبل الممكنة نحو تحقيق الطموحات والأهداف المؤملة. أما بشأن توصيف المشهد السائد وقراءة الأسباب المحورية الرئيسة المعيقة لفاعلية الجامعات ومؤسساتها البحثية فنوجزها بالآتي: <BLOCKQUOTE style="MARGIN-LEFT: 0px" dir=rtl>1. الانفصال عن المجتمع ومطالبه: تشهد الجامعات وإداراتها وبرامجها في البلدان العربية انعزالا ملموسا عن المجتمع. فالبرامج ما زالت في كثير من الأحيان تتعكز على ماضويات معرفية ما عادت مجدية في متغيرات العصر العلمية المتسارعة. فيما تعزز هذه العزلة سياسة هروب الإدارات الجامعية والبحثية: أما لمعرفتها بحقيقة مستواها الهزيل وعدم جاهزيتها لمعالجة المطالب الواقعية للحياة أو لخوفها من الالتحام بمطالب المجتمع بسبب ضغوط المحظور اجتماعيا أو سياسيا مما يدخل في الممنوعات (الأمنية) لعدد من الأنظمة وللفئات المتحكمة بالمشهد العام. يمكننا على سبيل المثال لا الحصر أن نشير إلى سياسة حظر دراسة منتج الأحياء من المفكرين والأدباء وفي المواقف السياسية المنحازة التي تستند لتوجهات طائفية أو عنصرية أو مما يحتمل تأويل معارضته لموقف حزب يتحكم بالسلطة السياسية في بلد أو آخر و قِس على ذلك. </BLOCKQUOTE> <BLOCKQUOTE style="MARGIN-LEFT: 0px" dir=rtl>2. القدرات الاستيعابية الضعيفة: حيث محدودية القدرات الاستيعابية للجامعات؛ فمن مجموع خريجي الثانويات لا تستقبل الجامعات إلا نسبة ضئيلة، يتسرب حجم مهم منها في السنوات الجامعية الأولى. كما لا يصل الدراسات العليا والمراحل البحثية إلا نخبة محدودة جدا، فضلا عن الاختلال في نسب التوزيع بين التخصصات العلمية والإنسانية بخلاف الحاجات الحقيقية. </BLOCKQUOTE> <BLOCKQUOTE style="MARGIN-LEFT: 0px" dir=rtl>ومن منظور آخر يمكننا القول: إن كثيرا من الجامعات تقبل أعدادا أكبر من قدراتها الجامعية بقرارات "غير أكاديمية" ما يُضعف فرص استفادة الطلبة وتكديسهم بطريقة أما تطرحهم خارجها كما أشرنا، أو تحرمهم من إمكان أن تعدَّهم الإعداد المناسب بخاصة في ظل الطريقة الكلاسيكية في التدريس وهي الطريقة التي تبعدهم عن الأداء البحثي. وبقراءة الإحصاءات نجد التقرير السنوي لمناخ الاستثمار لعام 2008، الصادر عن المؤسسة العربية لضمان الاستثمار وائتمان الصادرات، يشير إلى أن عدد الجامعات في الدول العربية قد ارتفع من 233 جامعة عام 2003 إلى 385 جامعة عام 2008، بما حقق معدل جامعة واحدة لكل مليون نسمة عربيا بمقابل ست جامعات لكل مليون نسمة في بعض الدول المتقدمة على أن نتذكر في مقارنتنا هنا، الطاقة الاستيعابية المحدودة للجامعات العربية وضعف المستويات وهزال الأنشطة البحثية وغيره من السمات السالبة. </BLOCKQUOTE> <BLOCKQUOTE style="MARGIN-LEFT: 0px" dir=rtl>3. ضعف الإنتاجية العلمية: إنَّ مما يسِم المشهد الذي نحن بصدده ويجابه الجامعات في البلدان العربية هو ضعف القدرات التعليمية، الأمر الذي يعود لضعف في المحاضرة وأدواتها مثل: الضعف في البرامج التعليمية والضعف في الكادر التدريسي وفي طرائق التدريس وفي المصادر الدراسية المرجعية والمنهجية وقِدمها أو عدم مجاراتها للمصادر الأحدث عالميا. </BLOCKQUOTE> <BLOCKQUOTE style="MARGIN-LEFT: 0px" dir=rtl>وبالنتيجة يكون المتحصل ضعفا في المخرَجَات ممن يذهب إلى مراحل التعليم الأساس وإلى مواقع الإنتاج بلا قدرات وافية للعمل المبدع؛ دع عنك إمكانات البحث والتطوير. ولقد أكدت الإحصاءات أن ما نشر سنويا من البحوث في البلدان العربية لم يتعدَّ 15 ألف بحث؛ وبالقياس إلى عدد أعضاء هيأة التدريس البالغ حوالي 55 ألفا، فإن حساب معدل الإنتاجية سيكون بحدود 0.3 وهو ما لا يبلغ نسبة الـ10٪ فقط من معدلات الإنتاجية في الدول المتقدمة. وتؤكد حال ضعف الإنتاجية هذا، أرقامُ اليونسكو التي تشير إلى أن إنتاجية كل عشرة باحثين عرب في المتوسط لا توازي إلا إنتاجية باحث واحد في المتوسط الدولي. </BLOCKQUOTE> <BLOCKQUOTE style="MARGIN-LEFT: 0px" dir=rtl>4. الاستراتيجيات: نلمس هذا المشهد المحرج وغير المتغير بشكل جدي ومسؤول: فالتخطيط يبقى محصورا في المديريات المباشرة، وفي حدود الاستجابة للقرارات الفوقية والإدارية غير المدروسة أو الآنية؛ وهي في النهاية قرارات لا تتعلق بشؤون البحث العلمي لأنها لا تفكر بها عندما تريد إصدار أو اتخاذ قرارات توجيه السياسة الجامعية ومنها البحثية. وفي ضوء ذلك لا نشهد أيّ استراتيجيات تقوم على قراءات علمية دقيقة وميدانية موضوعية مناسبة وتمنح الفرصة للتغيير المؤمل. </BLOCKQUOTE> <BLOCKQUOTE style="MARGIN-LEFT: 0px" dir=rtl>5. الاستقلالية: ومما يكبل الجامعات وقدراتها البحثية على وجه الخصوص، تبعيتها للإدارة السياسية والحجم الكارثي لتدخلات النظام والسلطة في توجهاتها وفي تعيين إداراتها وفي اقتحام الحرم الجامعي بذرائع متنوعة ولكنها جميعا تمثل استلابا فعليا لاستقلالية الجامعة. وهذا بالضرورة يفضي إلى المشاغلة بصراعات حزبية فئوية ضيقة. ويدفع لتسيّد الخطاب السياسي -والحزبي أحيانا- على الخطاب المعرفي العلمي. في وقت يتطلب تنشيط الجهد البحثي وتنمية إنتاجية الجامعات وباحثيها، تحقيق مبدأ احترام الجانب الإنساني في الكفاءات العلمية، كحق التعبير وتأمين سلامة الباحث وامتلاكه حرية الرأي، بشكل خاص فيما يتعلق بالاختصاصات البحثية وطبعا في السياق لابد من الحد من ظاهرة الشعور بالغبن عند تلك الكفاءات مقارنة بزملائهم الأجانب العاملين بمعيتهم في نفس الأماكن ونحن هنا بهذا نود فقط الإشارة إلى بعض التفاصيل التي تمثل أهمية في التأثير على استقلالية الباحث والمؤسسة البحثية والجامعية. </BLOCKQUOTE> <BLOCKQUOTE style="MARGIN-LEFT: 0px" dir=rtl>6. هزال الميزانيات المرصودة للتعليم العالي وأسوأ حجما عند تعلق الأمر بما يرصد للبحث العلمي: في إطار عدم وجود ميزانيات تفي بالمتطلبات البرامجية البحثية نرصد قصورا في الأبنية وفي المكتبات التي ما زالت تركن لكل ما هو عتيق وبال فيما المختبرات تحنطت عند أجهزة لم تعد مستخدمة في البحث العلمي الحديث والعمل الميداني بكل مجالاته. ومع ذلك فهي من الصغر حجما بما لا يمكّن الطلبة من استثمارها للتعرف لتجاريب مهمة تعدهم للعمل الحقيقي الملائم لآخر ما توصلت إليه المعارف والعلوم. </BLOCKQUOTE> <BLOCKQUOTE style="MARGIN-LEFT: 0px" dir=rtl>7. انخفاض في المرتبات وتلبية مطالب الأستاذ: وبالارتباط بمسألة رصيد أو ميزانيات الجامعات، يتحدد الجهد البحثي للأستاذ الجامعي بانخفاض مرتبه بدرجة مريعة تدفعه لتغطية نفقات حياته وأسرته عبر الانشغال في أمور غير البحث العلمي وغير تطوير أدواته في محاضرته. </BLOCKQUOTE> <BLOCKQUOTE style="MARGIN-LEFT: 0px" dir=rtl>8. العلاقة بمتطلبات السوق: تتسم هذه العلاقة بالهزال سواء من جهة دراسة المتطلبات أم من جهة دفع المخرجات المختصة المناسبة. وهذا بدوره يؤدي إلى عدم استفادة المؤسسات البحثية من تلك المخرجات الهزيلة مع خلفية تشير إلى عدم توافر الإحصاءات للدراسات الاجتماعية والإنسانية وغيرها. وكذلك إلى عدم وجود خطط تسويق للبحوث الموجودة ما يشكل عائقا أو سببا آخر في هذا الانقطاع بين البحوث والسوق. </BLOCKQUOTE> <BLOCKQUOTE style="MARGIN-LEFT: 0px" dir=rtl>9. تشوه الهيكلة الاقتصادية وقصورها: ما زالت الهياكل الاقتصادية في البلدان العربية تنتمي لخلطة مشوهة من أنظمة عتيقة ما عادت قادرة على العطاء ودوران عجلتها بطريقة مفيدة بعد أن تجاوزتها النظم الفاعلة عالميا. إنّ تلك الخلطة الاقتصادية فضلا عن آلياتها وقوانينها العتيقة، ما فتئت تستخدم وسائل إنتاج بدائية في أغلب الشركات العامة والخاصة وهو ما يعرقل التفكير باستثمارات مادية للتطوير البحثي والإفادة منه. إنّ قضية دور قطاعات الاقتصاد المختلفة في ميزانية البحوث من جهة وفي التفاعل مع المنتج البحثي يظل موضع أهمية كبرى إذا ما توافر جديا. ولكن طبيعة اقتصادنا وأشكال تفاوت مستوياته ودرجات نموه وفي هياكله وآلياته تؤدي إلى احتجاب الشركات عن طلب بحوث التطوير و/أو انتفاء جدوى الأداء البحثي في مستويات هياكله المتخلفة واشتغالاتها. </BLOCKQUOTE>
<TABLE id=captionTable border=0 width=120 bgColor=#bad8ff align=left> <tr><td class=TextCaption align=middle>" جلّ البحوث الجامعية تنحصر في الدراسات العليا والترقيات العلمية الأمر الذي يحدده بشروط الطابع الأكاديمي ويخضع لسياسة الجامعة المنفصلة عن الميداني العملي والمجتمعي والمحتفظة بالجانب النظري البحت بعيدا عن احتياجات المجتمع ومطالبه
"</TD></TR></TABLE>في ضوء جملة العقبات التي حدَّت من مسيرة نمو البحث العلمي نحاول أن نرسم صورة واقعية لأوضاع جامعاتنا وحجم البحث العلمي بالإشارة درجة إنتاج المعرفة أي بمقدار الإضافة المتاحة لجامعاتنا وبحوثنا العلمية وما وضعته في رصيد المعرفة البشرية. ولكن مع تشوش في الإحصاءات المتوفرة، يمكننا قياس إنتاجيتنا المعرفية عبر المتوفر من إحصاءات المنشورات العلمية وبراءات الاختراع والابتكارات. فحتى العام 1995 كانت الإحصاءات تقول إنه كان لدينا 26 نشرة لكل مليون فرد فيما كانت 11 نشرة فقط في العام 1981، بمقابل 1252 في هولندا على سبيل المثال. ولم تتجاوز نسبة البحوث الابتكارية التي تتناول الإضافة في العلوم الأساس نسبة الـ 10% فيما 90% منها بقيت مجرد بحوث في المجالات التطبيقية البحتة. ولمزيد من الوضوح في قراءة المشهد؛ نجد أنه في عام 1987 بمقابل 10481 دراسة في أمريكا كان هناك دراسة واحدة يتيمة عند أربعة بلدان عربية فقط مما تعد دراسة فاعلة، أو تدخل في المقالات البحثية عالية الجودة على أساس الإشارة إليها أكثر من 40 مرة في بحوث علمية أخرى. وبين العامين 1980 و2000 كان مجموع البحوث في أهم سبع بلدان عربية لا يتجاوز 369 بحثا فيما نسبة براءات الاختراع لا تتعدى الـ 5% من تلك المسجلة في إسرائيل ونسبة 2.5% من البراءات المسجلة في كوريا. أما عدد المتفرغين للبحث العلمي في البلدان العربية فلم يبلغ في منتصف التسعينات إلا 35 ألفا وهذا يمثل 3.3 باحث لكل عشرة آلاف فرد من القوى العاملة في البلدان العربية وهي نسبة متدنية لا تمثل سوى 3 إلى 10% بالقياس مع البلدان المتقدمة. ومثل هذا التدني نقرؤه في نسبة المساعدين المهنيين إذ لكل مليون مواطن هي 20% مما يسجل في الدول المتقدمة. وبشأن الإنفاق على البحث العلمي في البلدان العربية: فهو لم يتجاوز 0.2% (أي اثنين بالألف) من الناتج القومي في وقت تصل نسبة الإنفاق على البحوث في البلدان المتقدمة إلى 5% وأكثر، مع تذكر أن تلك البلدان قد سبقتنا بأشواط بعيدة. وفي حين تأتي نسبة حوالي الـ 90% من الإنفاق على البحوث في البلدان العربية من مصادر حكومية فإنَّ تلك المصادر الحكومية في أمريكا وبلدان أوروبا لا تمثل أكثر من 20 إلى 30% وباقي التغطية المالية يأتي من الشركات الصناعية التي لا تغطي في البلدان العربية إلا 3% فقط من التمويل البحثي. وفضلا عن ذلك فإنّ توزيع الرصيد المالي للبحوث يظهر في البلدان العربية بطريقة غير فاعلة كونه يصرف في اتجاهات أجور وميزانيات تشغيل لضآلته ولعدم وجود خطط مناسبة لتوجيه الأرصدة وتفعيلها. من جانب آخر فإنّ جلّ البحوث الجامعية تنحصر في الدراسات العليا والترقيات العلمية الأمر الذي يحدده بشروط الطابع الأكاديمي ويخضع لسياسة الجامعة المنفصلة عن الميداني العملي والمجتمعي والمحتفظة بالجانب النظري البحت بعيدا عن احتياجات المجتمع ومطالبه. وفي ظرف يتسم بالإهمال والإغفال لشؤون ربط البحث العلمي بالمجتمع يجري كذلك، إغفال تحويل نتائج بعض البحوث المهمة إلى قدرات استثمارية. كما نبقى بعيدين عن التعاون العلمي البحثي أو المشاركة في المؤتمرات العالمية لأحادية اللغة التي تسيطر على أغلب الأساتذة والباحثين العرب وجهودهم البحثية؛ هذا مع عدم وجود محافل فاعلة تساعد على تحويل الجهد العلمي الفردي المتاح إلى فعل جمعي مؤسسي منتج. إنّ هذه الصورة المعتمة لا يمكنها أن تحجب شعاع الأمل نهائيا، إذ توجد جهود مثابرة من أجل التطوير والتحديث والتحول بجامعاتنا ومراكزها البحثية إلى وجود فاعل يرتقي لمستوى المهام المناطة به. وعلى الرغم من السمة الفردية في بعض الجهود إلا أنها ذات أدوار مميزة وعطاء مثمر يجعلنا نستبشر خيرا بها. ومن باب التركيز على محاور مادتنا والاختصار نكتفي بهذه الإشارة ونوجز هنا بعض مقترحات في محاولة من أجل تحقيق التطوير والتحريك المنشود: <BLOCKQUOTE style="MARGIN-LEFT: 0px" dir=rtl>1. لابد من إصلاح شامل وخطط تنمية تكاملية على مستوى البلدان العربية كافة. تبدأ بخطط إعادة هيكلة الاقتصاد وتحديثه ودمقرطة الحياة العامة وتفعيل العمل المؤسساتي وإشاعة خطاب دولة القانون الدستورية ومنطق التخطيط العلمي القائم على الإحصاءات والأرقام والجهود البحثية العلمية التي تحقق الإصلاحات المنشودة على مستوى المجتمع والدولة وخلق مؤسساتها المستقرة والحداثوية في عملية تغيير شاملة تتضمن كل المجالات الاقتصا-اجتماعية والسياسية والثقافية والروحية. 2. وفي الإطار ينبغي إصلاح هياكل التعليم العالي وإداراته وتطوير الأداء التعليمي في مجالاته كافة والارتقاء بمستويات البحث العلمي ومنحه فرصه الوافية وأدواته المناسبة في خطط الجامعات وموازناتها. 3. وضع الدراسات الأولية لإعداد استراتيجيات العمل الجامعي وتحديدا منه في مجالات البحث العلمي. 4. تحقيق استقلالية الجامعة. واحترام الكفاءات العلمية البحثية وحرياتها وحقوقها الإنسانية وكفالة حرية البحث العلمي واحترام نتائجه بخاصة في ميادين الدراسات الإنسانية والاجتماعية. 5. مواكبة التطور العلمي العالمي والاستفادة من التطورات والقفزات المتاحة فيه. 6. إعداد الكوادر التدريسية والبحثية كميا ونوعيا. 7. استكمال المباني والمختبرات وتجهزياتها البحثية وتحديثها. 8. الاهتمام بالتدريب والتطبيق العملي للطلبة على ما اكتسبوه من مهارات. 9. إنجاز مهمة رئيسة منتظرة بالربط بين البرامج التعليمية وحاجات المجتمع في جميع التخصصات المعرفية. ومن جهة التخصصات الوظيفية يلزم افتتاح الأقسام التي تستجيب للحاجات المباشرة لسوق العمل. 10. توفير المصادر العلمية الحديثة وتحديدا منها الدوريات البحثية المتخصصة وتوفير الاتصالات المناسبة للاطلاع على أحدث المنتجات المعرفية والبحوث. 11. توفير الغطاء المالي والحوافز المادية المشجعة وربط الاستثمار الميداني التطبيقي بجهود البحث العلمي. على أن يجري التفكير العملي بتأسيس صندوق للغطاء المالي تكون فيه موارد ثابتة وأخرى متحركة فالثابت يأتي من ضرائب بنسبة محددة على الشركات والمؤسسات العامة والخاصة تصاعديا بحسب حجم رأس المال. وفي هذا المجال ينبغي التأسيس لجوائز ومحفزات متنوعة وقطاعية بمختلف التخصصات. 12. توفير قاعدة بيانات (Data Bases) عن الأعمال البحثية في السنوات الأخيرة (على أساس أهمية البحوث الجديدة من جهة ارتباطها بالتطور العلمي العالمي) في كل مؤسسة جامعية وبحثية بشكل مستقل ومركزيا على مستوى التعليم العالي في البلاد وبالارتباط عالميا بتوفير التكامل المخطط له بين مؤسسات التعليم العالي من جامعات وم |